الأكراد الفيليون يتخبطون بين هويتين

المقاله تحت باب  قضايا
في 
12/04/2013 06:00 AM
GMT



عن (نقاش)
غادر سعدون صادق الكردي الفيلي بغداد بعدما أغلق محل صياغة الحلي الذي كان يملكه وهو يعمل اليوم في مطعم عراقي في منطقة "كوجة عرب" المكتضة والتي تضم الكثير من العراقيين الوافدين حيث يمتد المطعم ثلاثة امتار تحت الأرض.
سعدون غادر البلاد في ليلة ممطرة من شهر نيسان (ابريل) من عام 1980 في شاحنة من نوع "ايفا" بحراسة قوة من الجيش العراقي آنذاك مع المئات من الأُسر الفيلية  وتم انزالهم على حدود محافظة (كرمانشاه) في شمال غرب إيران.
طرد الأكراد الفيليين من العراق وخاصة من مدينة بغداد قصة لا يمكن نسيانها، إذ كانوا يحملون هويتين فهم أكراد عرقياً وشيعة مذهبياً وهو ما دفع الحكومة العراقية الى تهجيرهم بتهمة "التبعية الإيرانية".
تبلورت فكرة طرد الأكراد الفيليين بعد عام 1970 في عهد الرئيس أحمد حسن البكر، ففي عام 1975 تم تجريد الفيليين من الجنسية العراقية وبلغت هذه الحملة عام 1980 أوجها في عهد صدام حسين ولم تتردد السلطات في فعل اي شيء ضدهم.
هؤلاء النازحون الى المخيمات في إيران أطلقت إيران عليهم تسمية "العراقيون"، وقد نشأت ثلاثة اجيال منهم دون ان يعرفوا اليوم إن كانون إيرانيين أم عراقيين.  
محسن طيب الرجل الأربعيني كان مراهقاً حين اقتادوه إلى الحدود مع أسرته وهو اليوم أقرب إلى الشيخوخة يقول "عانينا الكثير وكان والدي يقول لنا في العراق إننا ايرانيون ولا يمكننا البقاء، وفي إيران أيضا كانوا يقولون لنا إننا عيراقيون،  لقد احترنا في أمرنا".
وبعد عام 1948 عندما ترك اليهود العراق تحوّل قطاع التجارة والاقصاد إلى سيطرة الفيليين حيث كان معظمهم يعملون عند اليهود وقد تعلموا أموراً كثيرة حول السوق وتجارة البضائع وكانت تجارة استيراد السكر والأكياس والحديد وأنواع اخرى من الأغذية إلى العراق تدار من قبل رجال أعمال فيليين حتى قبل تعرضهم لتلك الحملة.
ماجد سامي وهو أحد رجال الاعمال الفيليين في بغداد قال لـ"نقاش": "عندما اندلعت الثورة في كردستان في ايلول (سبتمبر) من عام 1961 كان رجال الاعمال الفيليين يتعاطفون كثيراً معها وكانوا يدعمونها وهذا ما زاد من كراهية السلطات العراقية لهم وتراكمت هذه الكراهية حتى انهيار الثورة في ربيع عام 1975 فبدأت أولى الحملات لطرد الفيليين".
ويضيف "ليس من السهل بالنسبة لنظام قومي سني قبول أن تكون قلوب الفيليين في مدينة النجف العاصمة الروحية للشيعة في العالم وجزء من اموالهم في خدمة البيشمركة في الجبال.
سعدون الكردي الفيلي المغترب في طهران يرفض العودة الى العراق ويقول "ما الفائدة من العودة فقد خسرنا كل ما نملكه وليس من السهل استعادته من جديد، لا اعتقد ان العراق يصلح للاكراد الفيليين، لقد تم اجتثاثنا من الجذور".
مجلس النواب العراقي صادق في اب (اغسطس) من عام 2011 على مشروع قرار ينص على أن الاكراد الفيليين قد تعرضوا للابادة في العراق، وكانت الحكومة العراقية صادقت عليه من قبل واعترفت رسميا بتعرض الفيليين للابادة.
وفي جلسته يوم الثاني من نيسان (ابريل) من عام 2013 طرح مجلس الوزراء العراقي مرة أخرى موضوع إبادة الفيليين داعياً إلى الإسراع في تنفيذ الاجراءات القانونية الواجب اتباعها في حين غاب الوزراء الكرد عن الاجتماع حيث عادوا الى اقليم كردستان احتجاجا على نوري المالكي.
ويرى المراقبون لأوضاع الأكراد الفيليين أن الحكومة العراقية تفعل كل ذلك للاكراد الفيليين من منطلق مذهبي لكي تجذب تعاطفهم لمذهبهم بدلا ًمن قوميتهم لكونهم من الشيعة.
ويرى سعدون الفيلي مسوؤل مكتب العلاقات العراقية للاتحاد الوطني الكردستاني ان هناك محاولات كثيرة من قبل الحكومة العراقية لإبعاد الاكراد الفيليين عن كردستان وإظهار انها الوحيدة التي تهتم بقضيتهم.
ويؤكد "الفيليون يواجهون خطر التجريد من كرديتهم، وحكومة اقليم كردستان لم تفعل لهم شيئا يذكر حتى يقتنعوا بانه ليس هناك احد يتم بشوؤنهم اكثر منها، وكان من السهل ان تكون هناك وزارة تهتم بشوؤن الأكراد المغتربين".
ويرى فيلي صعوبة عودة هذه الشريحة للإمساك برأس الاقتصاد العراقي بسبب افتقار بغداد إلى الأمن والاستقرار وتوجه معظم رجال الاعمال والاغنياء الفيليين للاستثمار في الدول الاوربية والخليجية لانهم يضمنون حياتهم واموالهم فيها.